+
أأ
-

لارا علي العتوم : مرآة الأصالة العربية

{title}
بلكي الإخباري

حافظت الفروسية على نقائها كقيمة لا يبهت معناها مهما تبدّلت الظروف، فإنها أكثر من رياضة وأكثر من موروث، إنها سردية شرف تمتد عميقًا في الوعي العربي، إن الفروسية، بكل رموزها وجمالها وأخلاقها، فهى ليست مجرد إرث عربي بل خط السرد الذي يجمع بين الماضي والحاضر، وتمثّل الفارس على صهوة جواده وتمثّل القائد على صهوة المسؤوليه، فهى لغة شرف لا تشيخ، فالفروسيه الجسر بين الأصالة والموقف، من الثبات إلى النزاهة إلى الوفاء، انعكست تاريخيًا في عيشة العربي وفي فهمه للسلطه، فالفروسيه، حتى يومنا تُستحضر كمعيار للرجوله والقوه دون البطش والشجاعه بدون التهور، وهذه الروح تشبه تمامًا ما تحتاجه المنطقة العربية وهي تعيد تعريف خياراتها وسط تسارع احداث العالم، فالمشهد السياسي العربي، على تعقيده لا يزال يبحث عن هذه البوصله الأخلاقية التي تحفظ المبدأ وسط ضجيج التحالفات، ولا سيما ان الفروسية لا تنفصل بأي شكل عن العرب بالصفات والمكونات، لذلك حازت على الاهتمام العربي الكبير وعلى وجه الخصوص الهاشمي.

فلم تكن سمو الأميره عالية بنت الحسين مجرد راعيه للفروسيه، بل صانعه لنهجٍ متكامل أعاد وضع الخيل في مكانها الطبيعي كرمز للاصالة ومساحغ للتربيه والتهذيب، حيث ساهمت سمو الأميرة عاليه، في إعادة إنتاج الفروسيه في المملكة الاردنيه الهاشمية كقيمه اجتماعيه متاحه لا كرياضه نخبويه، فروسيه تُعلي قيمة الرعايه والمسؤولية، وتربط الشغف بالانضباط، وتعيد إنتاج جمال المسار الأخلاقي، كما استطاعت سمو الأميره هيا بنت الحسين، أن تفتح أفقًا جديدًا أمام الفروسيه العربيه فهي الفارسة الأولمبية، والمسؤوله الدوليه وسفيرة الرياضة العربية في العالم حيث قدّمت نموذجًا للمرأة العربية القادره على الجمع بين قوة الجواد وحكمة القرار، مٌشكلتًا صوره مشرقه عن المرأة العربيه القادره على التمثيل والقياده والتأثير وأثبتت بأن الفروسيه هى ايضًا القوه الناعمه العربيه، لتمتد المسيره كميدانًا تتقدم فيه المرأة العربيه بثقه واقتدار، محافظتًا على أصالة المكان وروح التحدّي، فلمع بريق الأميرات والفارسات في الخليج والمغرب العربي كالشيخه ميثاء بنت محمد بن راشد آل مكتوم، كأبرز لاعبات البولو في المنطقه، والشيخه عائشه بنت سلمان آل خليفه، الداعمه الرئيسه لنشر ثقافة الفروسيه النسويه.

وفي خضم الاحداث التي تعيشها فلسطين وفي الوقت الذي يحتاج فيه الفلسطينيون لكل نافذه تُظهر حضورهم وابداعهم، جاء صعود الفارسة الفلسطينية ديانا الشاعر بانتخابها رئيسة للجنة رياضة الدريساج في الاتحاد الدولي للفروسيه، ليمنح القضيه الفلسطينيه بُعدًا رمزيًا جديدًا، فهذا الفوز جاء في لحظه سياسيه حرجه، ليكون بمثابة إعلان أن الحضور الفلسطيني لا يمكن محوه وأن الصوت الفلسطيني يمكن أن يُسمَع من مناطق لم يعتد العالم أن يربطها بالنضال كفروسية الدريساج مثلًا، ففوز ديانا الشاعر كأول عربيه فلسطينية تصل لهذا المنصب لا يُعتبر انجازًا رياضيًا فقط بل موقفًا يُظهر العزيمه الفلسطينية التي نعتز بها جميعًا، وعلى وجه الخصوص في هذه الايام، فالعزيمه هى الامل وطوق النجاه، كما يؤكد بأن الرياضه يمكن أن تكون ساحةً لرفع

العلم حين تُغلق النوافذ، وسوف تستمر مسيرة الفروسيه العربيه بروح تلك الفارسات وأصالتهم كأصالة جيادهم.

حمى الله أمتنا - حمى الله الاردن